باب في غزوة حنين

28 – باب في غزوة حنين

76 – (1775) وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح. أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب. قال: حدثني كثير بن عباس بن عبدالمطلب. قال: قال عباس:
شهدت مع رسول الله ﷺ يوم حنين. فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب رسول الله ﷺ . فلم نفارقه. ورسول الله ﷺ على بغلة له، بيضاء. أهداها له فروة بن نفاثة الجذامى. فلما التقى المسلمون والكفار، ولى المسلمون مدبرين. فطفق رسول الله ﷺ يركض على بغلته قبل الكفار. قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله ﷺ . أكفها إرادة أن لا تسرع. وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله ﷺ . فقال رسول الله ﷺ (أي عباس! ناد أصحاب السمرة). فقال عباس (وكان رجلا صيتا): فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فوالله! لكأن عطفتهم، حين سمعوا صوتي، عطفة البقر على أولادها. فقالوا: يا لبيك! يا لبيك! قال: فاقتتلوا والكفار. والدعوة في الأنصار. يقولون: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! قال: ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج. فقالوا: يا نبي الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر رسول الله ﷺ وهو على بغلته، كالمتطاول عليها، إلى قتالهم. فقال رسول الله ﷺ (هذا حين حمي الوطيس). قال: ثم أخذ رسول الله ﷺ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار. ثم قال (انهزموا. ورب محمد!) قال: فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى. قال: فوالله! ما هو إلا أن رماهم بحصياته. فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا.
77 – (1775) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد. جميعا عن عبدالرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، بهذا الإسناد، نحوه. غير أنه قال: فروة بن نعامة الجذامي. وقال (انهزموا. ورب الكعبة! انهزموا. ورب الكعبة!) وزاد في الحديث: حتى هزمهم الله.
قال: وكأني أنظر إلى النبي ﷺ يركض خلفهم على بغلته.
(1775) – وحدثناه ابن أبي عمر. حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري. قال: أخبرني كثير بن العباس عن أبيه. قال: كنت مع النبي ﷺ يوم حنين. وساق الحديث. غير أن حديث يونس وحديث معمر أكثر منه وأتم.
78 – (1776) حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو خيثمة عن أبي إسحاق. قال: قال رجل للبراء:
يا أبا عمارة! أفررتم يوم حنين؟ قال: لا. والله! ما ولى رسول الله ﷺ . ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرا ليس عليهم سلاح، أو كثير سلاح فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم. جمع هوازن وبني نصر. فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون. فقبلوا هناك إلى رسول الله ﷺ . ورسول الله ﷺ على بغلته البيضاء. وأبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب يقود به. فنزل فاستنصر. وقال:
(أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبدالمطلب).
ثم صفهم.
79 – (1776) حدثنا أحمد بن جناب المصيصي. حدثنا عيسى بن يونس عن زكرياء، عن أبي إسحاق، قال:
جاء رجل إلى البراء. فقال: أكنتم وليتم يوم حنين؟ يا أبا عمارة! فقال: أشهد على نبي الله ﷺ ما ولى. ولكنه انطلق أخفاء من الناس، وحسر إلى هذا الحي من هوازن. وهم قوم رماة. فرموهم برشق من نبل. كأنها رجل من جراد. فانكشفوا. فأقبل القوم إلى رسول الله ﷺ . وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته. فنزل، ودعا، واستنصر، وهو يقول:
(أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبدالمطلب
اللهم ! نزل نصرك)
قال البراء: كنا، والله! إذا احمر البأس نتقي به. وإن الشجاع منا للذي يحاذى به. يعني النبي ﷺ .
80 – (1776) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار (واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن حعفر. حدثنا شعبة عن أبي إسحاق. قال: سمعت البراء. وسأله رجل من قيس:
أفررتم عن رسول الله ﷺ يوم حنين؟ فقال البراء: ولكن رسول الله ﷺ لم يفر. وكانت هوازن يومئذ رماة. وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا. فأكببنا على الغنائم. فاستقبلونا بالسهام. ولقد رأيت رسول الله ﷺ على بغلته البيضاء. وإن أبا سفيان ابن الحارث آخذ بلجامها، وهو يقول:
(أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبدالمطلب)
(1776) – وحدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى وأبو بكر بن خلاد. قالوا: حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان. قال: حدثني أبو إسحاق عن البراء. قال: قال له رجل: يا أبا عمارة! فذكر الحديث. وهو أقل من حديثهم. وهؤلاء أتم حديثا.
81 – (1777) وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا عمر بن يونس الحنفي. حدثنا عكرمة بن عمار. حدثني إياس بن سلمة. حدثني أبي. قال:
غزونا مع رسول الله ﷺ حنينا. فلما واجهنا العدو تقدمت. فأعلو ثنية. فاستقبلني رجل من العدو. فأميه بسهم. فتوارى عني. فلما دريت ما صنع. ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى. فالتقوا هم وصحابة النبي ﷺ . فولى صحابة النبي ﷺ . وأرجع منهزما. وعلى بردتان. متزرا بإحداهما. مرتديا بالأخرى. فاستطلق إزاري. فجمعتهما جميعا. ومررت، على رسول الله ﷺ ، منهزما. وهو على بغلته الشهباء. فقال رسول الله ﷺ (لقد رأى ابن الأكوع فزعا) فلما غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض. ثم استقبل به وجوههم. فقال (شاهت الوجوه) فما خلف الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا، بتلك القبضة. فولوا مدبرين. فهزمهم الله عز وجل. وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين.