باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره

32 – باب: إكرام الضيف وفضل إيثاره

172 – (2054) حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير بن عبدالحميد عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة. قال:
جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: إني مجهود. فأرسل إلى بعض نسائه. فقالت: والذي بعثك بالحق! ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى أخرى. فقالت مثل ذلك. حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا. والذي بعثك بالحق! ما عندي إلا ماء. فقال (من يضيف هذا، الليلة، رحمه الله) فقام رجل من الأنصار فقال: أنا. يا رسول الله! فانطلق به إلى رحله. فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا. إلا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء. فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل. فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه. قال: فقعدوا وأكل الضيف. فلما أصبح غدا على النبي ﷺ . فقال (قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة).
173 – (2054) حدثنا أبو كريب، محمد بن العلاء حدثنا وكيع عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة؛
أن رجلا من الأنصار بات به ضيف. فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه. فقال لامرأته: نومي الصبية وأطفئي السراج وقربي للضيف ما عندك. قال فنزلت هذه الآية: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [59 /الحشر /9].
(2054) – وحدثناه أبو كريب. حدثنا ابن فضيل عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. قال:
جاء رجل إلى رسول الله ﷺ ليضيفه. فلم يكن عنده ما يضيفه. فقال (ألا رجل يضيف هذا، رحمه الله) فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة. فانطلق به إلى رحله. وساق الحديث بنحو حديث جرير. وذكر فيه نزول الآية كما ذكره وكيع.
174 – (2055) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا شبابة بن سوار. حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد. قال:
أقبلت أنا وصاحبان لي. وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد. فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله ﷺ . فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النبي ﷺ فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز. فقال النبي ﷺ (احتلبوا هذا اللبن بيننا). قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه. ونرفع للنبي ﷺ نصيبه. قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما. ويسمع اليقظان. قال ثم يأتي المسجد فيصلي. ثم يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي. فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه، ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة. فأتيتها فشربتها. فلما أن وغلت في بطني، وعلمت أنه ليس إليها سبيل. قال ندمني الشيطان. فقال: ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعلي شملة. إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. وجعل لا يجيئني النوم. وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت. قال فجاء النبي ﷺ فسلم كما كان يسلم. ثم أتى المسجد فصلى. ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السماء. فقلت: الآن يدعو علي فأهلك. فقال (اللهم! أطعم من أطعمني. وأسق من أسقاني) قال فعمدت إلى الشملة فشددتها علي. وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله ﷺ . فإذا هي حافلة. وإذا هن حفل كلهن. فعمدت إلى إناء لآل محمد ﷺ ما كانوا يطعمون أن يحتلبوا فيه. قال فحلبت فيه حتى علته رغوة. فجئت إلى رسول الله ﷺ فقال (أشربتم شرابكم الليلة؟) قال قلت: يا رسول الله! اشرب. فشرب ثم ناولني. فقلت: يا رسول الله! اشرب. فشرب ثم ناولني. فلما عرفت أن النبي ﷺ قد روى، وأصبت دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض. قال فقال النبي ﷺ (إحدى سوآتك يا مقداد) فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا. وفعلت كذا. فقال النبي ﷺ (ما هذه إلا رحمة من الله. أفلا كنت آذنتني، فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها) قال فقلت: والذي بعثك بالحق! ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك، من أصابها من الناس.
(2055) – وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا النضر بن شميل. حدثنا سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
175 – (2056) وحدثنا عبيدالله بن معاذ العنبري وحامد بن عمر البكراوي ومحمد بن عبدالأعلى. جميعا عن المعتمر بن سليمان (واللفظ لابن معاذ). حدثنا المعتمر. حدثنا أبي عن أبي عثمان (وحدث أيضا)، عن عبدالرحمن بن أبي بكر. قال:
كنا مع النبي ﷺ ثلاثين ومائة. فقال النبي ﷺ (هل مع أحد منكم طعام؟) فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه. فعجن. ثم جاء رجل، مشرك مشعان طويل، بغنم يسوقها. فقال النبي ﷺ (أبيع أم عطية – أو قال – أم هبة؟) فقال: لا. بل بيع. فاشترى منه شاة. فصنعت. وأمر رسول الله ﷺ بسواد البطن أن يشوى. قال: وايم الله! ما من الثلاثين ومائة إلا حز له رسول الله ﷺ حزة حزة من سواد بطنها. إن كان شاهدا، أعطاه. وإن كان غائبا، خبأ له.
قال وجعل قصعتين. فأكلنا منهما أجمعون. وشبعنا. وفضل في القصعتين. فحملته على البعير. أو كما قال.
176 – (2057) حدثنا عبيدالله بن معاذ العنبري وحامد بن عمر البكراوي ومحمد بن عبدالأعلى القيسي. كلهم عن المعتمر (واللفظ لابن معاذ). حدثنا المعتمر بن سليمان قال: قال أبي: حدثنا أبو عثمان؛ أنه حدثه عبدالرحمن بن أبي بكر؛
أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء. وإن رسول الله ﷺ قال مرة (من كان عنده طعام اثنين، فليذهب بثلاثة. ومن كان عنده طعام أربعة، فليذهب بخامس، بسادس). أو كما قال: وإن أبا بكر جاء بثلاثة. وانطلق نبي الله ﷺ بعشرة. وأبو بكر بثلاثة. قال فهو وأنا وأبي وأمي – ولا  أدري هل قال: وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر – قال وإن أبا بكر تعشى عند النبي ﷺ . ثم لبث حتى صليت العشاء. ثم رجع فلبث حتى نعس رسول الله ﷺ . فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله. قالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك، أو قالت ضيفك؟ قال: أو ما عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء. قد عرضوا عليهم فغلبوهم. قال فذهبت أنا فاختبأت. وقال: يا غنثر! فجدع وسب. وقال: كلوا. لا هنيئا. وقال: والله! لا أطعمه أبدا. قال فايم الله! ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها. قال حتى شبعنا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك. فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر. قال لامرأته: يا أخت بني فراس! ما هذا؟ قالت: لا. وقرة عيني! لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار. قال فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان. يعني يمينه. ثم أكل منها لقمة. ثم حملها إلى رسول الله ﷺ فأصبحت عنده. قال وكان بيننا وبين قوم عقد فمضى الأجل. فعرفنا اثنا عشر رجلا. مع كل رجل منهم أناس. الله أعلم كم مع كل رجل. إلا أنه بعث معهم فأكلوا منها أجمعون. أو كما قال.
177 – (2057) حدثني محمد بن المثنى. حدثنا سالم بن نوح العطار عن الجريري، عن أبي عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي بكر. قال:
نزل علينا أضياف لنا. قال وكان أبي يتحدث إلى رسول الله ﷺ من الليل. قال فانطلق وقال: يا عبدالرحمن! افرغ من أضيافك. قال فلما أمسيت جئنا بقراهم. قال فأبوا. فقالوا: حتى يجيء أبو منزلنا فيطعم معنا. قال فقلت لهم: إنه رجل حديد. وإنكم إن لم تفعلوا خفت أن يصيبني منه أذى. قال فأبوا. فلما جاء لم يبدأ بشيء أول منهم. فقال: أفرغتم من أضيافكم؟ قال قالوا: لا. والله! ما فرغنا. قال: ألم آمر عبدالرحمن؟ قال وتنحيت عنه. فقال: يا عبدالرحمن! قال فتنحيت. قال فقال: يا غنثر! أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي إلا جئت. قال فجئت فقلت: والله! ما لي ذنب. هؤلاء أضيافك فسلهم. قد أتيتهم بقراهم فأبوا أن يطعموا حتى تجيء. قال فقال: ما لكم! ألا تقبلوا عنا قراكم! قال فقال أبو بكر: فوالله! لا أطعمه الليلة. قال فقالوا: فوالله! لا نطعمه حتى تطعمه. قال: فما رأيت كالشر كالليلة قط. ويلكم! ما لكم أن لا تقبلوا عنا قراكم؟ قال ثم قال: أما الأولى فمن الشيطان. هلموا قراكم. قال فجيء بالطعام فسمى فأكل وأكلوا. قال: فلما أصبح غدا على النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! بروا وحنثت. قال فأخبره فقال (بل أنت أبرهم وأخيرهم).
قال ولم تبلغني كفارة.